• ×

10:04 مساءً , الجمعة 19 أبريل 2024

قصيدة القاضي بالقهوة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 


كتب : ابراهيم صالح العواد


جرت أحداث هذة القصة المختارة قديما قبل مالا يقل عن المائتي عام
في منطقة عنيزة قلب القصيم ..
وقلت منطقة عنيزة ولم أقل مدينة عنيزة لصغر حجمها آنذاك مقارنة بحجمها الحالي .. إلا أنها منطقة زراعية أشتهرت بزراعة النخيل ( السكري وهو أحد أجود أنواع الرطب والتمور ، وكذلك بعض الخضروات البسيطة والقمح)، سميت قديما بلقب \" باريس نجد \" يسكنها مجموعة من الأسر العريقة الكريمة أمثال أسرة القاضي وغيرهم من الكرام أهل عنيزة والقصيم وشبة الجزيرة العربية والعرب جميعا ..

كان بطل هذة القصة .. الشاعر محمد بن عبدالله القاضي وهو شاعر ويمتهن مهنة القضاة رجل خلوق أديب .. يتسم بالوقار ..إذا حضر في محلٍ ما كان قطب ذلك المجلس لما تحمل طيات أحاديثه المشوقة من أدب وشعر وطرافة وعفة غزل .. كان شاعرا فحلا لا يشق له غبار سليل أسرة أشتهرت بشيئين : مهنة القضاء والشعر..

الشاعر محمد بن عبدالله القاضي وقد أعد واحدة من أجمل القصائد التي وصفت القهوة وظلت إلى يومنا الحاضر مرجعا في الشعر النبطي لوصف القهوة وطريقة صنعها وما يضاف إليها من بهار للعناية بها قبل تقديمها للضيوف وقد إهتم العرب في الجزيرة العربية على وجه الخصوص بالقهوة حيث كانت مشروب الضيف وعنوان الكرم وإكرام الضيوف وتغنوا بها كثيرا وحددوا معاني للثلاثة الفناجيل الأول كما سمعت فقالوا قديما:


image
الفنجال الأول .. للضيف
والثاني....... للسيف
والثالث ........للكيف

فالأول حق إكرام الضيف يبادر فيه المضيف .. والثاني يأمن به الضيف ويلقى بشربه الحماية من مضيفه والثالث .. يكيف به مزاجه !!!

عودة إلى حديثنا ..
قال القاضي في وصفه للقهوة وقد بدأ قصيدته بوصف حال نفسه وما توطنها من هموم:



يا مل قلب كلما إلتـم بالأشـواق =من عام الأول به دواكيك وخفوق
كنه مع الدلال يجلـب بالأسـواق =وعايم عند إمعزل الوسط ما سوق
يجاهد جنود في سواهيج الأطراق =ويكشف له اسرار كتمها بصندوق
لاعن له تذكار الأحباب وإشتـاق =باله وطاف بخاطره طاري الشوق






* ثم راح يصف القهوة .. وكيفية صنعها تفصيلا وهو موضوع القصيدة



دنيت له مـن غالـي البـن مـا لاق =بالكف ناقيها عـن العـذف منسـوق
إحمس ثلاث يا نديمـي علـى سـاق =ريحه على جمر الغضى يفضح السوق
وإيـاك والنيـة وبالـك والأحـراق =وإحذر تصير بحمسة البـن مطفـوق
إلى إصفر لونه ثم بشـت بالأعـراق =أصفر كما الياقوت يطرب لها الموق
وعطت بريح فاخـر فاضـح فـاق =ريحه كما العنبر بالأنفـاس منشـوق
دقـه بنجـر يسمعـه كـل مشتـاق =راع الهوى يطرب إلـى دق بخفـوق
لقِـم بدلـة مولـع كنـهـا ســاق =مصبوبـة مربوبـة تقـل غرنـوق
خله تفوح وراعـي الكيـف يشتـاق =إلى طفح له جوهـر صـح لـه ذوق
أصفر قمـوره كالزمـرد بالأشعـاق =وكبارها الطافح كما صافـي المـوق



بعد طبخ القهوة .. وإستوائها ودليل ذلك ريحتها الفواحة الطيبة التي تزكم الأنوف طيبا .. يذكر القاضي البهارات التي تضاف للقهوة آنذاك ( والتي سبقها بقوله خمسة أرناق) أي خمسة أصناف وهو ما يدل على عناية العرب بالقهوة قديما :


زله على وضحى بها خمسة أرناق =هيل ومسمار بالأسباب مسحـوق
مع زعفران والشمطري إلى إنساق =والعنبر الغالي على الطاق مطبوق


* الآن جهزت القهوة .. وجاء وصف تقديمها .. يقول القاضي مسترسلا :


فليا اجتمـع هـذا وهـذا بتيفـاق =صبه كفيت العوق عن كل مخلـوق
بفنجان صين زاهي عند الأرمـاق =يغضي بكرسيه كما إغضاة غرنوق
إلى إنطلق من ثعبته تقـل شبـراق =أو دم قلب وإنمزع منـه معلـوق





بواسطة : admin
 0  0  2096
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش. الوقت الآن هو 10:04 مساءً الجمعة 19 أبريل 2024.